«وقفة وفاء» من ابنته خلود… «إلى مَنْ علّمني الأدب مترجماً في سلوكياته قبل كتاباته».. عبداللطيف الديين… شاعر البر والبحر

دسمان نيوز – في شرق الجزيرة العربية، ومن نسب يمتد إلى قبيلة بني خالد، ولد شاعر الكويت الراحل المرحوم عبداللطيف بن عبدالرزاق بن سعيد بن ديين آل دجين، في منزل العائلة بيت «الديين» في الجانب الشرقي من عاصمة الكويت في حي العسعوسي قرب السفارة البريطانية القديمة، وذلك في شهر يونيو عام 1921، ثم انتقل مع والده إلى محلة القبلة وهناك التحق في مدرسة ملا محمد الحرمي حتى إذا تمكّن من قراءة القرآن الكريم تحوّل إلى مدرسة المباركية وتعلّم فيها ما كان متوافراً آنذاك من العلوم، وقد تعلم فنون اللغة العربية على يد خاله الشيخ ابراهيم سليمان الجراح فانفتح له باب مهم من أبواب فهم الشعر وإجادة نظمه. عبداللطيف الديين هو شاعر من أبناء الكويت الذين عشقوا أرضها، فجعلوها على لسانهم شعراً جميلاً عذباً، وكانت نشأته في بيئة شعرية، ففي أسرته خالاه الشاعران داوود سليمان الجراح وابراهيم سليمان الجراح، ومن أصدقائه زيد الحرب الشاعر المعروف، وكان رحمه الله ميّالاً إلى الاطلاع ومداومة القراءة فقرأ الكثير من الكتب في الأدب والتاريخ، وقرأ عدداً من دواوين الشعر وحفظ الكثير من القصائد، وكان معجباً بالشاعر الأموي ذي الرمة، وهذا يدل على عمق اهتمام شاعرنا بالتراث الشعري العربي الفصيح.

والشاعر الديين المتوفى رحمه الله في العام 1999، تمكن من نظم الشعر في العربية الفصحى واللهجة العامية (شعر النبط)، فكان شاعر الكويت في البر والبحر وفي السفر والغوص وعلى متن السفينة، وهو من الإجادة في كلتا الصياغتين على حد سواء، بدأ بالنظم النبطي، ثم بعد مدة اتجه إلى التعبير بالفصحى، فلم يقل مستوى شعره ولم يجد القارئ فرقاً بين ما كتبه أولاً وما كتبه ثانياً، من حيث قوة الشاعرية وحُسن تذوق القارئ له.

مجموعتان شعريتان

في مارس 2023، أصدرت منشورات ذات السلاسل مجموعتين شعريتين للراحل، الأولى (ديوان عبداللطيف الديين – المجموعة النبطية) والثانية (ديوان عبداللطيف الديين – مجموعة الفصحى) افتتحتهما ابنته خلود عبداللطيف الديين بـ«وقفة وفاء»، قائلة «إلى مَنْ علّمني الأدب مترجماً في سلوكياته قبل كتاباته، وألقى عليّ من حكمته ظلالاً وارفة، رباني عاشقة للعلم… وغرس في الروح حب الوطن، إلى والدي العزيز بِراً وإحساناً، نُعيد طباعة ونشر هذا الديوان، عسى ربنا ان يتقبلنا في زمرة البارين»، وأهدت الإصدارين إلى «كل مخلص للكويت… البلد المعطاء».

المجموعة النبطية

صدرت المجموعة النبطية للشاعر في عام 1994، بقصائد عبّر فيها عن مشاعره وعن أفراحه وأحزانه، مسجلاً فيه الكثير من الأحداث بأسلوب شعري رصين، ويظهر فيه جلياً حبه للكويت وأهلها وغيرته عليها، وتمثلت تلك الغيرة بمهاجمته للأوضاع غير السوية بالنقد اللاذع للمواقف السيئة في بعض مجالات الأعمال ومن ذلك قوله:

دعني أجيل مقدار ساعة

في ملعب لي أودع القلب مصدوع

عاث الزمان وبدله في شناعه

تشهد مبان خايرات به اكنوع

ثم ابدله بعد النشاما رعاعه

ثوبه قشيب وعوضه عنه مرقوع

مجموعة الفصحى

تمثل الفترة من 1966 وحتى سنة 1998 من حياة الشاعر، تعبيراً صادقاً عن حبه لوطنه ووفائه له، وتحتوي مجموعة الفصحى موضوعات متعددة وما عبّر فيها من مشاعر متجددة نحو أيامه الماضية التي عاشها على ثرى وطنه وبين أصحابه الكثيرين، ومن أهم الموضوعات الأعياد الوطنية، وموضوع الاحتلال والتحرير، والمناسبات الخليجية والعربية، والمراثي والمدائح، والذكريات والمطارحات، التي تبادل فيها الاشعار مع عدد من الشعراء، وأخيراً المجموعة التي سماها (الرطبيات) وهي تتحدث عن أشجار النخيل والرطب، لما له من مكانة عند الشاعر.

وفي الشعر الوطني قال:

شنَّف مسامعنا بسالف عهدها

أو ما تراه غداً حديث النادي

واذكر مآثر مَنْ بها قد شيدوا

صرح الكرامة بعد طول جهاد

قد سوروها قبلنا بثلاثة

واليوم كنا رابع الأعداد

وفي رثائه لصديقه الشاعر زيد الحرب يقول:

فما دنس الشعر الرفيع محابياً

لئيماً ولا أضحى لنذل مداجياً

مضى سالماً مما تورط غيره

به عابثاً إذ كان للناس هاجياً

«جزاء الغادرين»

ولعل قصيدته الوطنية المطولة «هذا جزاء الغادرين بجارهم»، والتي قالها رحمه الله في ديسمبر 1997 في الرد على قصيدة الدكتور مانع سعيد العتيبة، واحدة من أجمل القصائد وأبلغها في التعبير عن جريمة الغزو وتدمير الآبار وترويع الأطفال وقد قال فيها:

قل للذي قد ساءه إصراري

أنا منك أدرى في جريمة جاري

لو كنت مثلي للعدو مجاوراً

وكواك مثلي في لهيب النار

لتبدلت منك المشاعر ضدها

وضربت في طبل الأسى والطار

ويستمر الراحل في تفاصيل جريمة الغزو وآثارها، وصولاً إلى ملف الأسرى وترويع الأطفال ثم يختتمها فيقول:

أفبعد ذلك يا عتيبة ينبغي

أن ننحني للمجرم الختار

عفواً فهذي هفوة منكم بدت

ما غاب مغزاها عن الأنظار

إن الذي بين العراق وبيننا

لا ينتهي بتلاوة الأشعار

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا