الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وامام الصابرين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم اما بعد…..
يواجه الفرد العديد من الضغوط النفسية في حياته، والتي تعتبر سمة من سمات هذا العصر، وذلك يتطلب بذل المزيد من الجهود للإعادة التوافق مع نفسه، ومع البيئة التي يعيش فيها، وتختلف أساليب مواجهة الضغوط النفسية من فرد الى أخر، وقد تكون هذه الأساليب سلبية تتمثل بهروب الفرد من المشكلة أو تكون إيجابية بحيث يتعامل الفرد مع المشكلة بشكل مباشر، قد تأتي الضغوط النفسية من شعور الفرد بالتهديد الداخلي أو الخارجي التي قد تفرضه بعض الظروف البيئية المحيطة به، وكذلك هناك البيئة المشبعة بعوامل الخوف والهم، والمواقف النفسية، والتي تؤدي الى ضرر أو صراع حاد للفرد بسبب ما يعيشه من حالة من التهديد.
يتمركز أهمية هذا الموضوع في أثر مهارة الصبر على المعلمين والمتعلمين وكيف يجب للمعلم التحلى بهذه المهارة، نظرا لكون سمة الصبر تدفع الفرد للتعامل مع المشاكل النفسية بهدوء وحكمة، وابعاده عن التهور والوقوع في الأخطاء، حيث لابد على الفرد مواجهة الضغوطات النفسية وعدم تجنبها ومعالجة نتائجها السلبية، وعدم قدرة الفرد على الصبر ينتج عنها الصعوبات والخلافات. حيث تزود سمة الصبر الفرد على التحلي بالصلابة وعدم الضعف على مغريات الحياة، ونرى أثر هذه السمة في الثواب العظيم والاتزان النفسي ونجد ذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (“عجبا لأمر المؤمن, ان أمره كله خير,وليس ذاك لأحد الا للمؤمن, ان أصابته سراء شكر, فكان خيرا له, وان أصابته ضراء, صبر فكان خيرا له”).
وجود سمة الصبر أمر ضروري لدى المعلمين للتعامل مع مختلف الجوانب النفسية والضغوطات التعليمية، وقد تعتبر العملية التربوية بالنسبة للمعلم شاقة ومتعبة، ومقدرة المعلم على تطبيق الصبر تساعده بشكل صحيح أن يتعامل مع القواعد التربوية، حيث يتعامل المعلم مع متعلمين ذو الفروق الفردية وعلى المعلم أن يتحلى بالصبر في التدريس ومراعاة هذه الفروق الفردية، وتوفير طرق التدريس المختلفة، يعتبر المعلم قدوة للمتعلمين فان انفجر المعلم في وجههم وفقد قدرته على الصبر والسيطرة قد ينتج من ذلك سقوط الثقة والحب والأمان بين المعلم والمتعلم.
وقد يغفل الكثير من المعلمين عن أهمية هذه المهارة حيث نجد العديد من العوامل التي تتطلب من المعلمين التحلي بالصبر، كمثال، معلمين صعوبات التعلم، بمواجهة العديد من الضغوطات التعليمية وتعلم أساليب جديدة للتعليم، على المعلمين مواجهة ضغوطات نفسية وصراعات مع المتعلمين، لذا يستعدي وجود صفة الصبر وتحويل هذه المواقف السلبية الى إيجابية. هناك بعض العوامل التي يواجها معلمين صعوبات التعلم والتي تدفعهم للمزيد من الضغوطات النفسية، ومنها، زيادة المهام على عاتق المعلم بوقت محدد، أو عبء تدريس كبير، مهمات تتطلب قدرات متعددة، نقص المعلومات عن الأدوار والمهام، بيئة العمل المادية، ومن هنا تأتي العديد من الأساليب لمواجهة هذه الضغوطات النفسية ومن منها، التحلي بالصبر والاتزان وضبط النفس. (القحطاني، القحطاني، 2021)
تساعد سمة الصبر بتوازن الحالة النفسية للفرد والقدرة على المحافظة على الاتزان، وتقبل الفشل والاحباطات ومشاكل الحياة بكل هدوء واتزان، مع الوعي بأن الحياة مزيج من النجاحات والاخفاقات، فلا حصول أمان بشكل أبدي، ولا فشل بشكل أبدي. (العثماني، 2016)
وقد نجد العديد من تطبيقات الصبر في الصحة النفسية، ومنها، أن الصبر عملية نفسية ارادية، يتم تحويل المشاعر والأفكار السلبية أمام الضغوطات والأزمات، الى مشاعر وأفكار إيجابية، ويكون هنا دور الفرد في حالة الجزع أو الخوف تكون مقدرته على تحويل هذه المواقف الى إيجابية وعدم تجنبها، ويستطيع الفرد اتقان الصبر مثل أي شي أخر، مع كثرة المواقف والضغوطات التي تواجه الفرد ستكون صفة الصبر لديه عفوية وبذلك يكون مستوى الصبر لديه عالي. (العثماني، 2016)
حيث أشارت العديد من الدراسات أن الافراد ذوي انخفاض في سمة الصبر يكونوا أكثر ميلا لممارسة الانتهاكات وأقل تفضيلا لإنجاز المهام الموكلة إليهم، بينما الافراد ذوي الدرجات المرتفعة من الصبر يتمتعون بصحة نفسية وجسدية عالية، وأقل معاناة من المشكلات الصحية، وأقل شعورا بالاكتئاب والانفعالات السلبية، وذلك يرجع لقدرتهم على تحمل المواقف الضاغطة، وأكثر تمتعا بالعلاقات الاجتماعية، وأكثر تعاونا وتسامحا مع الاخرين، حيث تساعد هذه السمة على تحمل عيوب الافراد الاخرين وتقبل الفروقات الفردية، وتعامل معها بحب وتسامح، ويتميزون لبذل الكثير من الجهود لتحقيق الطموحات، وأكثر شعورا بالرضا والانجاز.
(القحطاني، القحطاني، 2021)
التوصيات:
1- الصبر أثناء التعامل مع المتعلمين، كذلك الصبر على الأذى والظلم
2- المحافظة على التوازن وإدارة الحياة الانفعالية عند التعرض لأي صدمة أو ضغط نفسي
3- اتخاذ القرار بصبر وحكمة وللتعرف على الموقف وجمع معلومات، وعدم التسرع
4- التخلق بالصبر، من خلال العناية بالبعد الايماني لتصبير النفس
5- تقبل الفشل والإحباط ومشاكل الحياة بكل هدوء واتزان، مع الوعي بأن الحياة مزيج من الإخفاقات والنجاحات
6- ممارسة الرياضة والتأمل، حيث تساعد للتخلص من الضغوطات النفسية السلبية المتراكمة، وبتأمل ينعم الفرد بالهدوء والراحة والسلام.
7- تجنب تكرار الأخطاء، فشخصية الفرد انما تبني بتراكم تجارب حياته السلبية أو الإيجابية
8- القدرة على التكيف مع الواقع، مهما كان صعبا
9- التدرب على الصبر واتقانه، الى ان يصبح سلوكا عفويا للمعلم
10- التحمل والصبر على مشاكل الحياة والتمسك بطموحات
وفي ختام هذا المقال نجد أن هناك علاقة وثيقة بين المعلم وصفة الصبر فالمعلم الصبور قادر على تحمل الفروق الفردية بين الطلبة وتحمل سلوكيات الطلبة وبخاصة المراهقين, وكيف يكون المعلم مثاليا ان لم يتحلى بهذه الصفة؟ والتي تجعله يتميز عن غيره من قدرة تحمل والصبر على طلبته والضغوطات النفسية, يجب للمعلم أن يراعي المتعلمين ويتفهم وأن لا ينفعل بسهولة من أبسط الأمور التي تجعله عرضة لضغوط نفسية أو قد يستغل المتعلمين هذه الصفه من المعلم, ولكن نجد المعلم الصبور والهادئ قادر على تخطى مثل هذه الازمات فلا يجعل من نفسه عرضة لضغوطات نفسية وقد يتخذ المتعلمين والمعلمين الاخرين من المعلم الصبور قدوة على صبره وتحمله مهما كانوا المتعلمين مزعجين أو غير ناجحين أو تأثيرات البيئة المدرسية. الكثير من المعلمين يعاني من افتقاد صفة مثل القوة والتحمل. والصبر يرتبط ارتباطا مباشرا ويؤثر على النفسية، والاعتياد على الصبر والحفاظ عليه حتى يصبح جزء من شخصية المعلم أمر ضروريا، لأنه يساعد وبشكل كبير على تقوية الصحة النفسية والتحمل والإصرار ويجعله بذلك أكثر قدرة على الاستفادة من الاثار الإيجابية والجيدة للصبر والتحمل، ويقوي المعلم أمام الصعاب والضغوطات التي تواجهه، والصبر مفتاح لكثير من الأمور التي تواجه الجميع في هذه الحياة، والمعلم الصبور أو المتصف بهذه الصفة حتى أصبحت صفة أصيلة به يستطيع تخطى العديد من الاثار النفسية والضغوطات الصعبة.
المراجع:
1- القحطاني، خالد، والقحطاني، عبد الله (2021) سمة الصبر وعلاقتها بأساليب مواجهة الضغوط النفسية لدى عينة من معلمي أطفال ذوي صعوبات التعلم. السعودية. مجلة البحث العلمي في التربية.
2- الدكتور العثماني يكتب: أهمية الصبر والتحمل. 16 أبريل 2022. هوية بريس
3- حديث عجبا لأمر المؤمن. الدرر السنية. صفحة 2999
عمل الطالبة: منال مبارك عبدالله العازمي
رقم الكشف: 12
تحت اشراف: أ.د. عبدالله الهاشم
مقرر: تدريس علوم (م/ث)
