دسمان نيوز – الانباء – بقلم : د .عبدالهادي الصالح
وضعت المذيعة القديرة أمل عبدالله، في برنامجها الإذاعي «سوالف أول» قبل أيام، إصبعها على جرح نازف، لا تكاد عائلة تنجو منه! وهو الإرث الذي يسبب قطع الأرحام وبالأخص بين الأبناء والبنات، فمن بعد تعاضد الإخوة والود والألفة تتحول العلاقة بينهم إلى فجور في الخصومة!
وتتزاحم قضايا الإرث أروقة المحاكم لسنوات طوال، يتوارثها الأبناء والأحفاد، وقد تُجمد الأموال والعقارات، وتكون المقتنيات الشخصية للمورث محل خلاف بينهم، اليد الطولى هي لسليط اللسان أو من المؤتمن بلا أمانة! دون وازع الخوف من الله تعالى، أو رادع من ضمير، أو بر بالوالدين، بل ربما تتشتت البنت أو الأرملة زوجة كانت أو أماً، ويصير مصيرها خارج بيت الورثة، الذي عاشت فيه زهرة شبابها وأنجبت هؤلاء الأبناء العاقين، تتكفف وزارة الشؤون والمحسنين لمأوى يستر عليها.
ومثلما تزايدت نسبة الطلاق، فينبغي أن تؤرق «مشكلة الميراث» المجتمع وتعمل الجهات المعنية على توعية الأسر بأحكام الإرث والذي فصلت الشريعة الإسلامية تفصيلا دقيقا لا يترك شائبة. وما يخفف من وطأة هذه المشكلة ما يلي:
1 ـ أهمية كتابة وتوثيق الوصية، وقد أكد عليها القرآن الكريم: (كُتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية…). وعن الإمام أبو جعفر عليه السلام: «الوصية حق وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله فينبغي للمسلم أن يوصي».
وهي ضمان للحقوق وميزان شرعي بين الورثة يحفظ الود بينهم.
2 ـ أن تكون صياغة الوصية محكمة جامعة لكل الممتلكات، ومانعة من التغييب والتجهيل، وخالية من الكلمات الواسعة التي تحتمل التأويلات والتفسيرات، وتراعي الأحكام الشرعية وهي أساس العدل. وهذه الصياغة تحتاج إلى خبير من أهل الاختصاص من العلماء ومن الموثقين محل الأمانة.
3 ـ أن تتم تبصرة وتوعية الموصي (المورث) بتبعات وصيته، كأن يدرك أن نصيبه من الإرث لا يتعدى الثلث، وينبغي أن يكون فيه عادلا بين الأبناء والبنات، وعلى علم بتبعات هذا الثلث، كأن يؤدي بيع البيت لإخراج ثلثه إلى تشتت أم عياله أو بنته المطلقة أو العزباء من بيت العائلة.
4 ـ ألا يخفي الوصي وثيقة وصيته في حياته عن الورثة، وأن يطلعهم على أي تعديلات رسمية عليها، والأفضل أن يطلب تواقيعهم عليها لتأكيد علمهم بما ينفي الجهالة. ويسلم لكل منهم نسخة.
5 ـ أن يعمل الوصي في حياته على قضاء ديونه للناس، وقضاء ما في ذمته من العبادات والكفارات ودفع المظالم، وأن لا يتركها ـ قدر الإمكان ـ للورثة، الذين قد تعميهم الخلافات والأطماع عن الإيفاء بوصية المرحوم.
فالسراج يكون أمامك، خيرا لك من خلفك! وعليك أن ترسل متاعك بنفسك إلى بيتك الأخروي أفضل من أن تتكل فيه من بعدك على غيرك!
أطال الله تعالى أعماركم جميعاً.