دسمان نيوز – في 31 مارس من كل عام تحيي جمهورية أذربيجان الذكرى للإبادة الجماعية لأذربيجانيين التي ارتكبها الأرمن في عام 1918. وتعتبر هذه الإبادة الجماعية التي واجهها شعبنا واحدة من أفظع المآسي في تاريخ أذربيجان.
وتجدر الإشارة إلى أنه شهد التاريخ الأذربيجاني مراحل أليمة موجعة مفعمة بالمآسي والأحداث الدموية الناتجة عن سياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية والعدوان التي نفذها القوميون المتشددون من الأرمن ضد شعبنا خلال القرنين الأخيرين. والهدف الرئيسي لهذه السياسة القومية المتشددة كان تشريد الأذربيجانيين من ديارهم التاريخية وإنشاء ما يزعمه الأرمن – دولة “أرمينيا الكبرى” على الأراضي الأذربيجانية القديمة. والأدلة التاريخية تثبت أن عملية نزوح عدد كثير من الأرمن من إيران وتركيا وتوطينهم في منطقة قراباغ الجبلية الأذربيجانية ذات الاهمية الاستراتيجية الكبيرة بدأت في اوائل القرن التاسع عشر. ان الأرمن القاطنين في في غانجا وإيروان لأذربيجان كان عددهم قليلا بكثير قبل أوائل القرن التاسع عشر، لاسيما حتى حين إبرام معاهدة تركمانتشاي. وخلال العامين المنصرمين من ابرام معاهدة تركمانتشاي تمكن الأرمن وبرعاية روسيا القيصرية من الاستيطان في الانحاء المختلفة لأذربيجان، بما فيها منطقة قراباغ الجبلية.
ان سياسة الاستيطان والتهجير التي كانت جزءا لا يتجزأ من السياسة الاستعمارية لروسيا القيصرية استمرت على مدى القرن التاسع عشر، بالتالي أدت الى تغيير التركيبة الديموغرافية في المنطقة. وزيادة أعداد الأرمن بتوطينهم في هذه المنطقة أسفرت عن بروز مزاعمهم الإقليمية على أراضي أذربيجان وسياستهم العدوانية ضدها ابتداء من أوائل القرن العشرين.
لقد شكلت عمليات التوطين التي قام بها الأرمن في ذلك الحين بداية حملات الإبادة الجماعية ضد الشعب الأذربيجاني حيث عملت بعض الدول الكبرى على مساعدة الأرمن وتقديم كافة انواع الدعم والمساندة لهم. ونتيجة لهذا الدعم عمد الأرمن الى تهجير الأذربيجانيين واجبارهم على ترك ديارهم من خلال عمليات القتل والنهب والتدمير والترهيب.
في سبيل تحقيق فكرة “أرمينيا الكبرى” المنصوص عليها في برنامج حزب “طاشناقسوتيون” أقدم القوميون الأرمن في أوائل القرن العشرين على طرد الاذربيجانيين طردا مخططا من ديارهم الأصلية وبالتالي تعريضهم للتصفية العرقية والإبادة الجماعية. ارتكب الأرمن خلال عامي 1905-1906 مجازر ضد السكان الاذربيجانيين المسالمين وقتلوهم بلا هوادة وأحرقوا ودمروا المدن والقرى في باكو وكنجه وقراباغ وإيروان وناختشفان وأوردوباد وشرور-درالياز وتفليس وزنكزور وقازاخ وغيرها من المناطق. دمّرت الوحدات المسلحة الأرمينية وخرّبت أكثر من 200 منطقة سكنية أذربيجانية في أقضية شوشا وزنكزور وجبرائل، وفي مقاطعتي إيروان وكنجه مما أدى الى تشريد وتهجير عشرات الآلاف من أبناء جلدتنا من ديارهم الأصلية. قتل الأرمن أكثر من 200 ألف أذربيجاني (أطفال ونساء ومسنون) للقيام بالتطهير العرقي لإفساح الطريق أمام بناء “دولة أرمينيا” الموعودة لهم من قبل روسيا القيصرية في تلك الأراضي. واستأنف الأرمن المدعومون من قبل القيصرية إبادة الأذربيجانيين إبان سنوات الحرب العالمية الأولى.
قام حزب “طاشناقسوتيون” والمؤتمر الوطني الأرميني بتوسيع نشاطهما بعد احداث فبراير وأكتوبر عام 1917 في روسيا. في الوقت ذاته، فإن ستيبان شاوميان مفوضا مؤقتا فوق العادة في شئون القوقاز بدأ ينظم ويشرف على القتل الجماعي للأذربيجانيين في ديسمبر عام 1917. وقامت الوحدات المسلحة الارمينية بتدمير وحرق وهدم 197 قرية في مقاطعة إيروان و109 قرية في قضاء زنكزور و157 قرية في قراباغ الجبلية، الى جانب تخريب 60 منطقة سكنية في الأقاليم الأخرى خلال فترة من أوائل عام 1917 الى شهر مارس عام 1918.
في أوائل عام 1918 أي قبيل مجزرة مارس كان يقرب عدد المسلحين الارمن التابعين لشاوميان مباشرة من 20 ألف شخص. وتحت حماية البلاشفة، أصبح شاوميان قائدا لكاميونا باكو. في 30 مارس لهذا العام استهدفت الوحدات المسلحة الارمينية البلشيفية مدينة باكو بطلقات المدفعية المطلقة من السفن. وعقب ذلك باغت مسلحو حزب الطاشناق على بيوت الاذربيجانيين وقتلوهم بلا هوادة. وفي 31 مارس والأيام الأولى لأبريل قتل الناس في مجازر جماعية. وأبيد آلاف الأذربيجانيين العزل المسالمين إلا بسبب انتمائهم القومية. خلال تلك الأيام اغتالت الوحدات الارمينية البلشفية المسلحة 30 ألف ساكن مسالم في باكو وحدها. وأثناء هذه الاحداث الدموية تم حرق الناس أحياء في عقر دورهم واغتيالهم بلا هوادة.
نتيجة هجوم الأرمن المسلح قتل بصورة وحشية خاصة أكثر من 16 ألف انسان ودمرت 167 قرية في قضاء قوبا خلال الأشهر الخمسة الأولى لعام 1918، و35 من تلك القرى بادت لا توجد حاليا. ان الوقائع والأدلة التي اكتشفت حول مجازر الاذربيجانيين الجماعية من طرف الوحدات الارمينية المسلحة في قضاء قوبا أثبتت مرة أخرى مؤخرا. حيث ان اكتشاف المقبرة الجماعية في مدينة قوبا عام 2007 دليل من الأدلة التي تثبت وحشية الأرمن. واتضح من خلال الدراسات في المقبرة ان السكان المحليين قُتِلوا بصورة وحشية خاصة متعرضين لكل أساليب العنف أثناء هجوم الوحدات الارمينية المسلحة على قوبا عام 1918.
علاوة على ذلك، تم تدمير وحرق مئات المناطق السكنية الأذربيجانية، بما فيها أكثر من 150 قرية في قراباغ وارتكبت مجازر بشعة ضد الاذربيجانيين في شوشا. خلال شهري مارس وابريل لعام 1918 قتل حوالي 50 ألف شخص بأساليب التعذيب الخاصة في باكو وأراضي أذربيجان الأخرى. واغتيل أكثر من 10 ألف أذربيجاني في قضاء زنكزور و18270 أذربيجاني في قضاء شاماخي.
خلال أعوام 1918-1920 تعرض للقتل والتشريد 565 ألف أذربيجاني من أصل 575 ألف أذربيجاني قاطن حينذاك في أرض أرمينيا الحالية. خلال الشهرين الأخيرين لعام 1918 تم تدمير وتخريب 96 قرية في قضائي إتشميادزين وسورمالي لمقاطعة إيروان. وتم تدمير كل القرى بالكامل في قضاء إيروان. وقتل 132 ألف أذربيجاني في مقاطعة إيروان.
بشكل عام، اغتيل عشرات الآلاف من الاذربيجانيين بأبشع أساليب القتل، وتم تشريد أكثر من مليون ساكن من أراضيهم الأصلية نتيجة استمرار الأرمن في ارتكابهم مجازر جماعية بلا هوادة في باكو وقوبا وشاماخي وكوردمير ولانكران وشوشا، في أرض مقاطعة إيروان، وزنكزور وناختشفان وشارور وأوردوباد وقارس وغيرها من المناطق خلال فترة ما بين عامي 1918-1920. وتم حرق المدارس والمساجد ومحو الآثار الثقافية التاريخية في الأراضي الأذربيجانية التاريخية إثر تعرضها لهذه الاعمال الهمجية.
وقامت حكومة جمهورية أذربيجان الديمقراتية آنذاك بتأسيس لجنة التحقيق الخاصة من اجل تحقيق ودراسة الجرائم الكبرى التي ارتكبها الأرمن بجانب سائر الفعاليات الكفيلة بكشف حقائق الأحداث ودعايتها وتبليغها عبر العالم مع الحفاظ عليها للأجيال القادمة. غير أن هذه العملية أوقفت عقب سقوط الجمهورية الشعبية بوقف مواصلة التحقيق الشامل لما حدث منعا لتقييم سياسي قانوني له حتى قرار جمهوري أصدره الزعيم القومي للشعب الأذربيجاني حيدر علييف بعد 80 عاما في 26 مارس 1998م باسم «مجزرة الأذربيجانيين» ما ضمن تقييمها سياسيا وقانونيا مع إعلان يوم 31 مارس كيوم مجزرة الأذربيجانيين.
لقد توالت حملات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الاذربيجاني في الأعوام 1905 – 1907 – 1918 -1920- 1948 بصورة منهجية ومنظمة على أيدي الأرمن. وبلغ هذا الأعتداء أوجه في الفترة مابين 1989 – 1993 حيث قامت أرمينيا بعدوانها الصارخ والأثيم بالأعتداء على أذربيجان وإخضاع ولاية قراباغ الأذربيجانية بالكامل واحتلالها بالقوة العسكرية.
لقد تجسد العدوان العسكري الأرمني على أذربيجان في أبشع صوره ما بين عامي 1989 – 1993. حيث انتهج المعتدون الأرمن سياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد المواطنين الأذربيجانين العزل، وقاموا بحملات التطهير العرقي وافراغ المدن من سكانها الاصليين حيث اصبح أكثر من مليون مواطن أذربيجاني لاجئين يعيشون الآن في ظروف معيشية قاسية ويفتقدون ادنى مقومات الحياة الآدمية.
عمد الأرمن الى تشريد اكثر من 250 الف أذربيجاني ما بين عامي 1988 – 1989 ممن ولدوا وعاشو طوال حياتهم في أراضي أبائهم واجدادهم. ولم يقتصر العدوان الأرمني داخل أراضي أذربيجان ، بل عمد الأرمن الى تدمير أكثر من 20 الف منزل ومسكن في 185 منطقة سكنية داخل جمهورية أرمينيا تعود ملكيتها الى مواطنين أذربيجانينين ، حيث فقد هؤلاء اموالهم واملاكهم وعقاراتهم. نتج عن العدوان الأرمني ضد جمهورية أذربيجان احتلال 17 الف كيلومترمربع من الأرضي ، وهو ما يمثل 20 % من مجمل مساحة الأراضي الاذربيجانية ، وأدى هذا العدوان إلى تدمير البنية الاقتصادية للدولة، والحاق خسائر مادية فادحة بأذربيجان. لقد طال العدوان الأرمني كل شي وقام المعتدون الأرمن بتدمير وتخريب وتدنيس المساجد والاثار والمقدسات الإسلامية التاريخية والحضارية والكثير من المعالم الإسلامية داخل الأراضي الاذربيجانية المحتلة.
يحاول الأرمن دائما خداع وتضليل الرأي العام العالمي وذلك ببث الدعايات المغرضة والملفقة ومحاولة إظهار أذربيجان كدولة تمارس سياسة معادية ضد الارمن ويتظاهرون بأن الارمن شعب مظلوم بائس ولكن الحقيقة تكمن في إن الأرمن انفسهم يمارسون سياسة الإبادة الجماعية ضد الشعب الأذربيجاني خلال أكثر من 100 سنة. وفي كل عام تقوم أذربيجان حكومة وشعبا بإحياء ذكرى ال31 من مارس يوم الإبادة الجماعية ، كما تناشد المجتمع الدولي بإدانة عمليات سفك الدماء التي يقوم بها الأرمن.