دسمان نيوز – دخل قطاع صناعة السينما والمسلسلات والانتاج التلفزيوني في لبنان نفقاً مظلماً، هو بمنزلة مرآة عن الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالبلد اقتصادياً وسياسياً وصحّياً بعد تفشي وباء كورونا والفشل في احتواء أعداد الإصابات مع مؤشر خطير متمثّل في ارتفاع عدّاد الوفيات يومياً. وتشهد عجلة الدراما موتاً سريرياً شلّ حركة إنتاجها، تزامناً مع الإقفال العام الذي عاد مجددا وعطّل مسيرة الحياة، دافعاً أهم المنتجين إلى إطلاق الصرخة بسبب عدم منحهم استثناءات للمضي في تصوير أعمالهم الدرامية، وإن كان بعضهم يتأمل خيراً في الأيام المقبلة ويعوّل على إعادة نظر المعنيين في الدولة في مطالبهم التي قدّموا لأجلها ضمانات صحّية تؤكد عدم إسهامهم في أي ضرر يمكن أن يلحق بطاقم العمل. انسحابات بالجملة وتألّفت لهذه الغاية جمعية تضم 11 منتجاً لبنانياً، عرّابها صاحب شركة «الصبّاح إخوان» صادق الصبّاح، وجال أعضاؤها على الوزارات المعنية في محاولة للحصول على هذا الاستثناء، لكنهم لم يلقوا الرّد المنتظر حتى هذه الآن. ولهذا السبب أعلنت «الصبّاح» انسحاب مسلسل «الهيبة» الذي كان ينتظر كثيرون أن يعرض بموسمه الخامس في رمضان 2021، وإلى حين انتظار مدة الاقفال العام التي مددت إلى الثامن من فبراير المقبل، فإنّ تصوير العمل سيبدأ في منتصف فبراير. شركة «Media Revolution7» أعلنت أيضاً انسحاب مسلسل «ظل» من السباق الرمضاني رغم انطلاق تصويره، فيما تمّ تأجيل تصوير الجزء الثاني من مسلسل «نسونجي بالحلال» من إنتاج شركتي «غولدن لاين» و«آي سي ميديا» وفكرة أسامة الحمد وكتابة زهير قنّوع وإخراج نبيل لبّس بسبب الظروف نفسها، فيما تتابع الشركتان تنفيذ النشاط الدرامي في شكل طبيعي في الامارات العربية المتحدة عبر مسلسل «350 غرام»، بطولة سلوم حداد وعابد فهد وكارين رزق الله، وأيضاً مسلسل «في وضح النهار» الذي يصوّر في سوريا. وتعبّر مصادر خاصة لـ«القبس» عن استغرابها لوضع هذه العقبات في لبنان، لا سيّما أنّه خلال تصوير «نسونجي بالحلال» نفّذت جميع إجراءات السلامة الصحية من خلال وجود طبيب بشكل يومي وخضوع طاقم العمل لحجر داخل أحد الفنادق وخضوعه لفحوصات الـPCR في شكل دوري. فيما عمدت شركة الصبّاح على تنفيذ هذه الاجراءات، ووصل بالمنتج صادق أن استورد أدوية وأجهزة أكسجين من الخارج، وأمّن أسرّة في شكل احتياطي حتى لا يشكل عبئاً على القطاع الاستشفائي. هذا الواقع عطّل أيضاً ولادة شركات إنتاج أرادت الانطلاق بمشاريع تحمل نفساً متجدداً لاسيّما مع النقلة النوعية للعالم الدرامي في ظل وجود المنصات الرقمية، منها شركة «ضيا للانتاج الفني» التي أراد المنتج والمخرج السوري أسامة الحمد ورجلا الأعمال هاني شيت وأشرف حلاوي أن يخرجا بهذه الشركة في انطلاقة درامية جديدة. ويقول الحمد لـ القبس «قررنا المضيّ في هذه الشركة علّنا نقدّم أعمالاً درامية نلحق بها السباق الرمضاني، لكننا وصلنا إلى مرحلة تجميد هذا المشروع بسبب المجهول الذي يذهب فيه لبنان اليوم». ويلفت إلى أنّ «الشركة انتهت من تجهيز شعارها وسجّلت اسمها في شكل رسمي، ولكن بسبب هذه الأوضاع لا يمكن كجهتين ممولة وأخرى فنية تكبّد خسائر هذه المغامرة». لا نستطيع التحرك ويتابع «وضعتنا الأوضاع الاقتصادية في خانة صعبة جداً لا نستطيع أن نتحرك مادياً وفنياً، فالاقتصاد والاستثمار يحكمهما الاستقرار، ومن دون ضمانات لا يمكن أن ننطلق». ويرى الحمد أنّ «المشكلة في لبنان ليست باعتبار هذا القطاع حيويا أم لا، بل تكمن المشكلة بأنّه لا يتم النظر إلى لبنان على أنه كيان مؤسساتي قادر على الانتاج والإبداع الفني الدرامي، المشكلة بأساس وتكوين البلد وفلسفته وسياسته، وهذه عوامل مجتمعة مرتبطة ببعضها، فالحالة الحياتية في لبنان لا سيّما الشق الاقتصادي وأزمة الدولار إلى جانب جائحة كورونا هي التي أوصلت إلى هذه النتائج». Volume 0% نسأل الحمد، لماذا مازلت متمسكاً بلبنان، لاسيّما أنّ الكثيرين اختاروا دولا عربية بديلة لمتابعة مشاريعهم؟ يجيب «من الصعب أن أعيش خارج لبنان وسوريا، حاولت هذا الأمر سابقاً، أرى الاستقرار هنا، وقد يكون لهذا الأمر ارتباط بطبيعة البيئة، وجزء منه أنّ والدتي لبنانية وهذا لعب دوراً في حنيني لهذا البلد. الحياة في لبنان قبل هذه الأزمات جميلة والمجتمع جميل بتفاصيله ودفئه، ولم يخيّل لنا بأننا قد نصل إلى المرحلة التي نحن فيها، تعرّضنا للصدمة». ويلفت الحمد إلى أنه في حال اتخذ جميع المنتجين والمخرجين السفر إلى الخارج فإنّ إشكالية جديدة ستولد متمثلة بانعدام التنوع، ويقول «الخليج العربي على سبيل المثال يحب أن تحمل شاشاته غنى وبيئات متنوعة، سواء لجهة الممثلين أو الجغرافيا لأنّ هذه الشاشات تسعى إلى التكامل من خلال هذا التنوع. وإذا ذهب الجميع، فإنّ مكوّناً أساسياً سيذهب، وبالتالي هذه التوازنات تدفعك إلى التعويل على توازنات أخرى».
