الديوانية أم الميديا؟ بقلم : يوسف عبدالرحمن

دسمان نيوز – بقلم : يوسف عبدالرحمن

y.abdul@alanba.com.kw

أنا أفهم التغيير الإيجابي بأنه منهجية تقوم على تطبيق مبادرات التغيير من أجل تعزيز الأداء، فكانت «الميديا» اليوم هي الخيار الأول!

الديوانية خصوصية كويتية عبر الأزمان..

والديوانية جزء من تاريخ الكويت القديم والمعاصر وستظل.

على مر العصور كانت الديوانية ولاتزال وستبقى جزءا من المشهد السياسي والاجتماعي ولها أدوارها الكثيرة التي يصعب حصرها!

اشتهر مجتمعنا الكويتي منذ القدم بالعديد من الخصائص التي تضفي على المجتمع نوعا من الخصوصية والجمال ومنها الديوانية!

الديوانية في القديم كانت مجمعا للحي الواحد يجتمع فيها الرجال في أوقات معلومة بعد صلاتي الفجر والعصر أو ما بين المغرب والعشاء أو بعد صلاة العشاء وفي سنواتنا الأخيرة تم افتتاح ديوانيات للنساء!

الديوانـــية إرث سياسي اجتماعي وعائلي وكانــت فيها تقضى الحاجات وتتم مناقشـــة ما يدور في المجتمع، فكانت (برلمانا مصغرا). ومن الديوانـــيات تخرجت أجيال من مختلف القطاعات وبرزت رموز وطنية وتاريخية وأيضاً كانت الديوانية بانــوراما الأحداث والمواقف والمشاهد!

الديوانية إرث اجتماعي وفي تاريخ (جبله – شرق – المرقاب – الجهراء – الفحيحيل – الفنطاس) دواوين عامرة سابقا، فيما غزت الديوانية اليوم كل المناطق في الكويت ويملكها الغني ومتوسطو الدخل.

الديوانية عبر التاريخ تحتل الصدارة في نفوس الكويتيين منذ نشأة هذه الدولة المباركة لأكثر من 300 عام، حيث شكلت خصوصية كويتية، صورة من التكافل الاجتماعي ومنبرا للقرار السياسي.

في الديوانية الكويتية القديمة أنجزت الأعمال، حيث كانت ملتقى النواخذة بالبحرية وتتم فيها مناقشة أمور البحر من غوص وتجارة وهي استراحة لأهل الحي من هموم الدنيا وقضاء الحاجات والاستماع الى الجديد من الأخبار فهي إحدى وسائلهم لمتابعة الأمور خاصة السياسية وتنشط الدواوين في رمضان والمناسبات السياسية خاصة انتخابات مجلس الأمة وايضا لتقديم العزاء ولمناسبة الزواج واستقبال المهنئين.

لعبت الديوانية الكويتية أدوارا كثيرة اجتماعية – سياسية – ثقافية – أدبية، وانتعشت بعد ظهور النفط، اذ بدأت الطبقة الوسطى بتخصيص يوم للديوانية متعارف عليه.

ولا تزال الديوانية الكويتية ظاهرة على مستوى دول الخليج العربية، ومع تطور دولة الكويت تطورت هذه الديوانية ولعبت دورا اجتماعيا وسياسيا وهي بكل صدق علامة فارقة في التاريخ الكويتي، فهي كانت بكل جدارة جامعة النخب السياسية والرموز واللوبيات وكانت وحدها (موقع الخبر) الخاص بتوجهات الحكام والسياسيين والتجار وفيها يوجه الرأي العام ومن خلالها يعرف الناس ماذا يدور في الكويت خلف الكواليس.

٭ ومضة: في سنة 1442هـ الموافق 2020م في عصر تفشي كورونا (انخفضت أدوار الديوانيات الكويتية) نتيجة تطبيق الاحترازات والإجراءات وطبق الناس القرارات وسكروا دواوينهم التزاما منهم بقرارات الدولة، لأنه ثبت أن المخالطة هي احد أهم أسباب انتشار الوباء الكوروني، فسكرت أي أغلقت هذه الديوانيات العامرة.

وحلت محل الديوانية (الميديا) ورسائل التواصل الاجتماعي بكل أنواعها، كما ظهرت نتائج استطلاعات الرأي العام كما رأينا في برنامج (آراء وتوجهات) الذي يقدمه الأخ الأستاذ نصار الخالدي والأخ احمد العيسى في تلفزيون الشاهد وغيرهما مثل الاخ الدكتور عبدالرزاق الشايجي (كل يوم استطلاع).. وهذه الاستطلاعات تغني المتابع بالمعلومات والنتائج خاصة في الأمور السياسية وشؤون الانتخابات والاحداث المستجدة مثلما يحدث الآن في الكويت لاختيار ولي العهد الأمين.

لوجود (كورونا) تراجعت صدارة الديوانية الكويتية واحتل الانترنت الصدارة خاصة والهاشتاقات والاستطلاعات وهذا أمر حتمي مع التطور التكنولوجي وكما تقول د.رشا الضامن الثورة الرقمية!

٭ آخر الكلام: قرأت أن أقدم ديوانية في الكويت هي للعم عبدالنبي معرفي إبان حكم (جابر العيش) وهو الشيخ جابر بن عبدالله بن صباح ولقب بجابر العيش لكرمه، ويقال إنه عاش 107 سنوات، وهناك ديوان العسعوسي 1742هـ وبورسلي والحمدان 1750هـ وكل الديوانيات القديمة على ساحل الكورنيش مثل الروضان – الملا وغيرها في المناطق الداخلية وهي كثيرة صعب حصرها في هذه المساحة.

٭ زبدة الحچي: الديوانية في الكويت اليوم غابت لوجود كورونا واكتسحت (الميديا) لتسيطر على كل التوجهات ولتكون المنبر البديل لهذه الديوانية التي انطفأ دورها وخبا نتيجة سيطرة كوفيد-19 اللعين!

وأعتقد أن الديوانية سترجع كي تمارس أدوارها في القريب العاجل بإذن الله!

الديوانية عبر التاريخ هي المنتدى السياسي قبل النفط وبعده، في البداية أسسها التجار والنواخذة ثم تبناها أبناء الطبقة المتوسطة للوجاهة الاجتماعية والظهور السياسي والاجتماعي والثقافي والإعلامي.

لقد حلت التطبيقات الذكية والرقمية محل الديوانيات التقليدية لتمارس نفس الادوار لكن لمجاميع اكثر وفي داخل الكويت وخارجها.

سنة الله في خلقه هذه التحولات والبدائل كانت الديوانية واليوم الميديا والله وحده يعلم ماذا يحمل لنا الغد؟.. في أمان الله.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا