الجريدة – دسمان نيوز – بقلم : د. طلال أبو غزالة
يعرف الذكاء الاصطناعي بقدرته الفائقة على الأداء المعرفي للوظائف التي يقوم بها الإنسان بما في ذلك التعلم والتفكير والتحدث وأداء المهام الروتينية وحل المشكلات وممارسة بعض السلوك البشري.
ويعد الذكاء الاصطناعي أحد مكونات التكنولوجيا الرئيسية للثورة الصناعية الرابعة، ويقترن أداؤه بالتطورات الهائلة في القدرة الحاسوبية ومعالجة كم كبير من المعلومات والتواصل السريع بالإنترنت من أي مكان والاستخدام الأمثل للخوارزميات المشابهة للعقل البشري.
وقد غدت أنظمة الذكاء الاصطناعي عنصرا أساسيا في العديد من الصناعات المبتكرة مثل إنترنت الأشياء، المركبات ذاتية التحكم، والخدمات الإلكترونية، ومعالجة البيانات الكبيرة، والهندسة الوراثية والجينوم، والكشف عن الاحتيال، وبيع التجزئة والتشخيص الطبي، والطباعة الثلاثية الأبعاد بالإضافة إلى قدرتها على تحليل كميات هائلة من المعلومات واستخدامها في التعلم واتخاذ القرار وذلك من خلال بناء علاقات المعلومات وربط مجموعات البيانات الضخمة مع بعضها البعض بسرعة هائلة ومحاكاتها بطريقة يصعب على الإنسان استنتاجها.
تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي المبنية على الفرضيات والمفاهيم بمعالجة مليارات البيانات التراكمية للسماح للمستخدمين بالوصول إلى استنتاجات أكثر استنارة ودقة والمساهمة في إيجاد طرق تتم بها معالجة الأزمات والمواقف الحرجة مثل البحث والإنقاذ في الكوارث الطبيعية واستخدام الروبوتات كخط دفاع أمامي ضد المخاطر.
كما يعمل الذكاء الاصطناعي على تعزيز التحول الرقمي، ولديه القدرة على تحسين براعة الإنسان وتوسيع قدراته وتمكينه من مواجهة التحديات واغتنام الفرص وتحقيق المزيد من الرفاهية في الكثير من مناحي الحياة وبطرق لا يمكن تصورها الآن.
وتشمل أنظمة الذكاء الاصطناعي الآتي: تعلم الآلة، وهو الأكثر شيوعا، حيث تتم تغذية البيانات واكتشاف الأنماط وفهم وتفسير المعلومات، الشبكات العصبية والتعلم العميق، والتي من خلالها تتم محاكاة الدماغ البشري وتمكين نماذج الذكاء الاصطناعي للتعلم، رؤية الكمبيوتر، بحيث يعطي أجهزة الكمبيوتر القدرة على معالجة الصور وتحليلها وفهمها، الروبوتات الذكية، وهي مزيج من الذكاء الاصطناعي وآلة الروبوت من أجل أداء المهام المتقدمة والمعقدة، معالجة اللغة الطبيعية، والتي من خلالها يتم تفسير وفهم لغة التحدث وتحويلها إلى نص مكتوب أو معاملته كأوامر، القياسات الحيوية، بحيث يتم تحليل الخصائص البدنية والعاطفية واستخدامها في العديد من المهام مثل تحديد الهوية، الوكلاء الافتراضيين، بحيث تقوم بمحاكاة شخصيات تتفاعل مع الزبائن والمستخدمين وتقوم على تقديم المساعدة للوصول إلى المعلومات.
ولتقنية الذكاء الاصطناعي أهمية كبيرة في دفع عجلة التنمية والابتكار والمساهمة في تحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة التي أطلقتها الأمم المتحدة والتي تتركز حول تحسين التعليم وتوفير الخدمات الصحية والقضاء على الفقر وإيجاد فرص العمل وتعزيز الحاكمية واحتضان الإبداع والمبادرة.
وقد حققت بعض البلدان النامية تقدما في التنمية الاقتصادية وتحسين الوضع الصحي والقضاء على الفقر وزيادة التعليم وتطوير الإنتاجية الزراعية ومحو الأمية وتأمين المصادر المائية وتحسين الصرف الصحي، إلا أن مستوى التنمية في الدول العربية متفاوت ويختلف فيما بينها خاصة في المناطق التي تشهد صراعات مستمرة ولا تتمتع باستقرار سياسي، حيث يعيش الملايين من سكانها تحت خط الفقر ويعانون من شح المياه وتدني الخدمات الصحية بالإضافة إلى عدم توافر المأوى الملائم والبيئة التعليمية المناسبة.
وبالتنسيق مع السياسات الوطنية والعربية والجهود الإنمائية الدولية والقطاعات التقنية يمكن تعزيز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطويرها للمساهمة في دفع عجلة تحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة في المنطقة.
وفي ظل حاجة سوق العمل لخبرات فنية في تقنيات الذكاء الاصطناعي، تعمل الدول المتقدمة على تبني تعليم الذكاء الاصطناعي في المراحل الدراسية الأولى وذلك من أجل تمكين الأجيال القادمة للتعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي وتأهيلها للإبداع والاختراع.
وفيما يلي مقترح لمواضيع تعلم الذكاء الاصطناعي المتخصصة التي يمكن دمجها في المراحل التعليمية:
١ – المرحلة الأساسية: تحفيز الطلبة في مراحل التعليم الأساسية على تعلم الرياضيات والعلوم والهندسة والبدء بتعليم مفاهيم الذكاء الاصطناعي من خلال المرح والتعلم التفاعلي القائم على النشاط واكتساب أساسيات الذكاء الاصطناعي والروبوتية بالإضافة إلى تعلم البرمجيات الحاسوبية وتطوير التطبيقات وبناء أنظمة الذكاء الاصطناعي في منهج منظم ومتقدم.
٢ – المرحلة الثانوية: تحفيز الطلبة في مراحل التعليم الثانوية على تطبيق الأساسيات البرمجية ونظم الذكاء الاصطناعي في سيناريوهات عملية حقيقية من خلال تطبيقات ومسابقات بالإضافة الى توفير برامج قائمة على المشاريع يتم من خلالها تطوير التعلم الريادي والإبداعي وتنمية مهارات حل المشكلات والعمل الجماعي.
٣ – المرحلة الجامعية: تحفيز الطلبة في مراحل التعليم الجامعي على التصميم والابتكار من خلال توجيههم إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطوير خبراتهم المتخصصة وإجراء الأبحاث المتميزة والمشاركة في المنتديات والمؤتمرات لتبادل الخبرات وعرض التجارب العملية في البرمجيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
ستستمر عملية التطوير التقني وستسهم في التنمية المستدامة للأعمال المهنية والصناعية والخدمية.
ومستقبل الذكاء الاصطناعي مثير وواعد، مما يدعو إلى ضرورة إطلاق قطاع الأعمال المتخصص في الذكاء الاصطناعي للمساهمة في التنمية الاقتصادية والرفاه الاجتماعي.